🧠 أنت لا تزال تملك إرادتك… لكن يجب أن تحرسها!
في زمن طغى فيه الذكاء الاصطناعي، وتسللت الخوارزميات إلى تفاصيل يومنا، يُطرح سؤال وجودي جديد:
هل لا نزال نملك إرادتنا؟
أم أننا أصبحنا أدوات تُقاد، لا تقود، تستهلك، لا تختار؟
إن أخطر ما يواجه الإنسان اليوم ليس فقط أن تُسلب منه إرادته، بل أن يحدث ذلك دون أن يشعر.
والأخطر من هذا كله: أن يقتنع بأنه ما زال حرًّا، بينما هو محاط بأسوار رقمية تحركه كالدمية بخيوط غير مرئية.
🌐 الحرية في عصر التكنولوجيا: وهم أم واقع؟
"الحرية الحقيقية اليوم هي أن تُقرر بنفسك في عالم مصمَّم ليتخذ القرارات نيابة عنك."
هذه العبارة ليست فلسفة بل واقع يومي نعيشه. نحن محاطون بتطبيقات تعرف ماذا نحب، ماذا نأكل، من نحب، وحتى متى ننام!
- هل حقًا اخترت ما شاهدته اليوم على يوتيوب؟
- هل هذا القميص الذي اشتريته هو اختيارك أم كان ضمن إعلان "صادفك" خمس مرات؟
- هل قرأت هذا المقال لأنك أردت، أم لأن الخوارزمية قررت أنه "يناسبك"؟
نحن نختار، نعم، ولكن من داخل قائمة تم تحديدها مسبقًا لنا. وهنا تبدأ معركة الإرادة...
🔐 هل لا نزال نملك إرادتنا؟ نعم... ولكن
الإرادة ما زالت فينا. الله خلقنا أحرارًا، نختار ونقرر، نحلم ونُخطط. لكن في هذا العالم الجديد، الإرادة مثل جوهرة ثمينة... لا يكفي أن تملكها، يجب أن تحرسها.
🛡 كيف نحافظ على إرادتنا في عالم الخوارزميات؟
1. الوعي: افهم كيف تعمل التكنولوجيا
أول خطوة للحرية أن تعرف من يحاول أن يتحكم بك.
- اقرأ عن الخوارزميات، كيف تقترح المحتوى، ولماذا تظهر لك إعلانات دون غيرك.
- تعرف على ما يسمى بـ"اقتصاد الانتباه": حيث وقتك، تركيزك، وقرارك = سلعة تُباع.
حين تدرك كيف تُبنى المنصات لتُبقيك فيها أطول وقت ممكن، ستفهم أنك لست مجرد "مستخدم"... بل "مُستَخدم".
2. المراقبة: راقب عاداتك الرقمية
- كم مرة تفتح هاتفك يوميًا؟
- كم دقيقة تقضيها في تطبيقات لا تخرج منها بشيء؟
- هل تنام متعب العقل من التصفح... بدل أن تكون ممتلئ القلب من إنجازك؟
ابدأ بالمراقبة... فما لا يُقاس، لا يمكن السيطرة عليه.
3. العزيمة: قرر ما تريده، لا ما يُعرض عليك فقط
لا تكن آلة ردّ فعل، بل كن صاحب قرار.
- خطط ليومك قبل أن يخطط لك تطبيق ما.
- ضع لك أهدافًا: ماذا أريد أن أتعلم اليوم؟ ما الذي أود إنجازه؟
- لا تبدأ يومك بالإشعارات، بل بكلمة تُرضي الله وهدف يُرضي ذاتك.
4. الرجوع إلى الله: ملجأ الإرادة الصافية
ومن يعتصم بالله فقد هُدي إلى صراط مستقيم.
حين تنكسر أمام الله، تستعيد نفسك.
وحين تملأ قلبك بالتوحيد، لا يعود هناك مكان لعبودية التكنولوجيا.
- الصلاة تُعيد ترتيب الأولويات.
- الذكر يُطهّر الذاكرة من شوائب الإعلام.
- الدعاء يُرمم الإرادة.
- الاستغفار يُعيدك إلى مركزك: عبدٌ لله... لا عبدٌ للخوارزمية.
✨ كلمة أخيرة
أنت ما زلت تملك إرادتك، لكنها صارت هدفًا لسرّاق جدد.
في عالم يعرض عليك كل شيء، كن أنت من يقرر ماذا يأخذ وماذا يترك.
في زمن يُشوش عليك الأصوات، اسمع صوتك الداخلي من جديد.
وفي لحظة قد تشعر فيها بالضياع، اعتصم بمن خلقك حرًّا، ووهبك عقلاً وإرادة.
قال الله تعالى:
"فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"
ولا تنسَ بعدها:
"وما تشاؤون إلا أن يشاء الله"